02‏/01‏/2012

إضراب..



تخابطت أحرفي كثيراً قبل أن أكتب لسيادتك.. وترددت أحرفي كثيراً قبل أن تنطق.. «إضراب».. «تعليق دوام».. «أبواب الجامعات موصدة».. كلمات تزاحمت على مسمعي في الأيام الأخيرة، وربما باتت بالحدث اليومي.. والسبب «أمر مش معروف» أو حتى قد يكون الأمر «استهبال» منذ البداية.. من قبل بعض الأفراد والأطراف.
وأرجو أن تعذرني حيث سأضطر إلى الكتابة بالعامية، كي أستطيع الإفصاح بكل ما يجول بخاطري.. وقصتي هي التالية:
من أكم يوم، كنت واقف على باب قاعتي بنصّ جامعتي الكبيرة والعريضة.. بستنّى بمحاضرة بيوم مليان محاضرات ومختبرات، بما إني طالب صحافة، وما بخبّي على سيادتك إني كنت حاسس راسي بدو يسكّر من بعد محاضرة من النوع الزخم، بس العبد الفقير مضطر في هاليوم اللي لسا ما بلش.
بلّشت الضجة والأصوات علت.. وشوي شوي بتقرب على القاعة اللي بستنا فيها.. «تعلن الجهة الفلانية.. والإشي الفلاني.. عن تعليق الدوام.. نصرة للمسجد الأقصى»! ما أخبّيش عليك.. طار عقلي من مكانه، معقول أمتنا صحيت، ويوم تحرير القدس هو اليوم! وبلّشت أتصور الموقف كيف راح يكون والناس بتحتشد على أبواب القدس للساعة المنشودة، بس تكملة التصريح على مكبر الصوت هججت العصافير اللي كانت طايرة في حلمي، ورمته وهربت.. «وتدعوكم الجهة الفلانية.. للاعتصام بحرم الجامعة في ساحة , نصرة للقدس» بخبيش عليك العبد الفقير ضد التعليقات السياسية.. ولهذا السبب رفضت أنا وزملائي مغادرة القاعة، وأصرينا على أخذ محاضرتنا، بس إخوانا في الجهة الفلانية ما سكتوا، وشككوا بوطنيتنا.. وحكوا عنا عملاء وما بنخدم المصلحة الوطنية.. وحكموا عليّ وعلى زملائي بالطرد من داخل القاعة تجنباً للمشادات والتوجه إلى ساحة الحرم الجامعي  لتحرير القدس! بس اللي حرق أعصابي إنه بكفيش اتهمونا بالعمالة.. لأ؛ ولحقت أعمال العصابات والفَتْوَنِة لطرد الطلاب من القاعات والمختبرات.
بس والله يا سيادتك المسلسل المكسيكي ما خلص.. الحدث الرئيسي ما بلش سيادتك، طلبنا يسمعولنا وما رضو.. وأصروا على الوقوف بساحة  ، لسماع الأغاني الوطنية لتحرير القدس! ها ولا يا سيدي، مهي بلادنا بدها تتحرر بالحكي، لهيك أنا بكتبلك، عشان توصللهم.. وتحكيلهم شو فكرتنا.
يا سيدي؛ يا صاحب المركز الفلاني، اللي طردتني من محاضرتي وحكمت عليّ بالعمالة، أنا حابب أحكي، وبدي أحسبها معك بلا مؤاخذة حسبة «راس روس .. حمير تيوس» الدوام الدراسي تعلق، والمحاضرات اتوقفن، والمسيرة التعليمية انشلّت، بس القدس ما اتحررت! والأرض لساتها مدنسة.. والجدار ما انهدش.. والناس ما انحشدتش على أبواب القدس لتحريرها.. ووقفوا يسمعولك ويسمعوا لأغانيك الوطنية.. أحكيلك؛ شيمعون بيرس حتى ما أجا يسمع مطالبنا.
هسا احكيلي أنا عميل وبايع القضية؟ ولا أحكيلك خليها شوي، اللي بدي أحكيلك إياه إنو سياسة تعليق الدوام هي سياسة سلبية وبتخدم المصلحة الصهيونية من الدرجة الأولى.. سألتني ليش؟ أنا بقولك ليش؛ لاحظ إنك وقفت المسيرة التعليمية، وساهمت ولو بجزء بسيط في مصلحة الاحتلال بتجهيل شعبنا، ومش بس هيك، إنت كمان وقفت المسيرة التعليمية إلي هي بدورها جهاد، أحكيلك بلاش وطنية وسياسة وجهاد.. احسبها اقتصادياً، بما إنو أنا وانت واقعين تحت الظروف الاقتصادية الصعبة، إلا إذا إنت وضعك بختلف عني.. أنا طالب بيدفع سعر المادة 90 دينار لأحصل على 32 محاضرة شاملة التعليقات والعطل الرسمية والإضرابات والمناسبات.. بس أحكيلك احسبهم 30 دينار.. يعني أنا بدفع مقابل المحاضرة الوحدة 3 دنانير، والدينار بجامعتنا بينحسب 5 شيكل ونص للطالب؛ يعني 16 شيكل ونص للمحاضرة الوحدة، وإنت اليوم عطلتني عن 3 محاضرات هي 9 دنانير يعني 49 شيكل ونص، وأنا دافع 25 شيكل مواصلات راح جاي ع جامعتي .. بالمجمل إنت مخسرني 74 شيكل ونص، والله إنهم بأجرة أبوي المعتّر اللي طالع يشكا من الصبح، أحكيلك بلاش.. طالب الطب المعتّر افرض إنك عطّلته محاضرتين والمحاضرة عليه بـ 11 دينار وأكثر، يعني 22 دينار، وبجامعتنا بيطلعن 121 شيكل، والله راتب موظف من الهاي كلاس اليوم.. وأجرة يومين لعامل معتّر زي أبوي!
فهمت شو بدي أحكيلك؟ أنا لما برفض إني أطلع من محاضرتي لأني خسران ع جميع الجهات، وما راح أحرر الأقصى وأنا واقف في الساحة ! وبسمع بأغاني وأشعار وطنية، ما بنكر حسّي الوطني يا سيدي، بس هذا هو الواقع، ناهيك عن المخسر المادي اللي بتفاوت من طالب للثاني، فلسطين أكثر من أي ماديات، بس خليك منطقي.
اللي بدي أسألك إياه هو.. أنا العميل وبايع القضية والأرض هسه؟
سيدي الفلاني، صاحب المركز الفلاني، أنا مش ضدك، أنا ضد أسلوبك الغلط، أنا طالب فلسطيني لاجئ معتّر؛ وطلبي منك إنك تشوفلك حل بدل التعليقات، والإضرابات، لأنه الشهداء والأسرى والقادة والمبعدين.. و.. و.. و الخ، ما يرضيهم اللي إنت بتعمله 100% .. بس إنت مرضي الجهات الصهيونية 100%.
سيدي صاحب المنصب الفلاني بالإطار الفلاني.. هاي قصتي اللي صارت من يومين .. وهاي حسبتي، فاض بقلبي الحكي؛ فمسكت القلم وكتبتلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق