02‏/07‏/2012

بروباغاندا فلسطينية


كل قضية عادلة في أي مكان من العالم تحتاج إلى أدوات واضحة لترجمة أبجدياتها ومفرداتها الأولية، ولصناعة تضامن عالمي على مستوياته الشعبية والرسمية من أجل تحويل القضية من مجرد كونها فكرة لامعة في أدمغة أصحابها إلى خطة يعمل الجميع في صالح إنجاحها. وفق معايير محددة ومعروفة مُسبقاً، وهذا ما نجح الفلسطينيين بشكل كبير في بلورته بعد ضياعهم الكبير منتصف القرن الماضي، وقد بلغ التضامن العالمي ذروته في السبعينيات عندما كنا نشاهد الشباب الفلسطينيين إلى جوار رفاقهم الصينيين والفيتناميين والكوبيين كتفاً بكتف في صفوف وكتائب في وجه الإمبريالية والظلم والقمع في فلسطين. لا يحد من عزائمهم أي قوى ولا يفت من عضدهم أي جبروت، لكن على الجانب الآخر تشكل فشل فادح لا يمكن إغفاله وهو حاجتنا الدائمة للبرنامج الطويل إلى جانب الثورية اللحظية المفرطة. غياب المشروع والبرنامج الذي من خلاله يستطيع الجمهور أن يكثّف حشوده ومشاعرة في خدمة الخطة.
غاب المشروع، وغابت فلسطين وغاب جزء كبير من التضامن العالمي ليس فقط بسبب قلة حيلة إطارنا الإعلامي، بل بسبب ضخامة البروباغاندا الإسرائيلية والسيطرة المباشرة على أُس الإعلام العالمي، وهذا ما يطرح السؤال: ماذا يمكن أن يصنع الفلسطيني البسيط الذي يتمترس خلف صفحات التواصل الإجتماعي لمواجهة جبروت أدوات إعلام العدو، وهل من الممكن تحوير معركة الحجارة أمام الدبابة مثلما كانت في الماضي الى صفحة إلكترونية وطنية امام وكالة أنباء عالمية؟ بصراحة، أنا لستُ خبيراً في مجال الإعلام، وإنما أنشر من الفتات ما يمليه عليّ ضميري، ولكن ما دعاني إلى هذه الأقوال، هو دعوة مخرج أمريكي نشر فيلماً عن مجرم الحرب الأوغندي “جوزيف كوني” بهدف إعلام العالم بخطورة هذا الرجل على أطفال أوغندا، وما جعلني أنحاز أكثر للإعلام الشعبي ومدى تأثيره، هي الضجة والمتابعة التي لحقت بالفيلم.
نحن نعيش زمن الخلاصة، زمن الزبدة، والإعلام الحديث الشعبي والإلكتروني شارك بشكل مباشر في وضع الحقيقة الكاملة في يد أي مراقب عادي وبسيط، لكن فهم الحقائق من عدمه يتحدد بإمتلاك أدوات التحليل العلمية والمنطقية. وبناء عليه فأنا كفلسطيني لا أعرف عن أوغندا سوى اسمها، متضامن مع الشعب الأوغندي، وأعتبر أن اعتقال جوزيف كوني ليس مطلباً لحظياً، اعتقال كوني هو دعوة لإعتقال كل مجرمي الحرب والإرهابيين مهما كانت أيديولجياتهم، وهو دعوة لغد أفضل، أكثر أمناً وعدلاً.
لكن إلى أي مستوى نستطيع نحن أن نوجّه نظر العالم إلى القضية الفلسطينية أو إلى شخصية فلسطينة عن طريق فيلم عبر اليوتيوب أو رسالة عبر الفيسبوك. من الواضح أن الوسائل أصبحت سهلة جداً، والفكرة أصبحت بعيدة جداً، إنما نحن بحاجة إلى أفكار خلاقة نتبناها ونخطط لطرحها، ثم نركن إلى الوسائل الإلكترونية الكفيلة بمسألة الأعداد والحشود.