21‏/12‏/2011

موسيقى في المقهى

ضجة ما بعدها ضجة تدب في عظام الرأس من الخلف وترتد بخفة عبر خطوط متعرجة في محاولة منها لإنقاذ ألم في الرأس قد يحدث وما حان موعده بعد، ولكن يمكن في حالة مثل هذه إعادة صف وتشكيل مجاميع الأصوات المتناثرة لتتضح منها في النهاية ملامح مقطوعة موسيقية فريدة ومتوافقة في فوضى خلاقة، فالأجدر بهذه الأصوات التي تأتي توالياً وتوازياً وتزاحماً أن تُشكل فيما تتصاعد نوتةً لا إنتهاء لها، كيف لا وهي في مجملها أصوات بشرية منتشرة في المدى، فهذه حنجرة أم كلثوم تتصاعد عبر مكبرين للصوت يتواجد كل واحد منهما في طرف من المقهى، وهذه حناجر الرجال المبحوحة أصواتهم بفعل التدخين المزمن، ورجال آخرين ملمّعين قابعين خلف طاولة في ركن بعيد نسبياً لئلا يؤذيهم رفع الصوت أو يوسّخ قمصانهم البيضاء، وصياح أطفال يبيعون الحلوى والنعناع يجيئون ويغيبون واحد تلو الآخر كي لا يطردهم صاحب المقهى، وخلف كل هذه الأفواه والحناجر يقف كورال مكوّن من ماكينة لطحن القهوة وأخرى لغليها وثالثة لتغليفها، وفي الواجهة جمهور من السيارات لا عدد لأشكالها وألوانها، وأرجل أناس تتخبّط في الطريق المحاذي زرافاتٍ وعرفانا، وأنا وسطهم أحاول أن أرتّب هذه الشظايا لأكوّن منها عبوة ناسفة تفجّر هذا الملل القابع في كل جزء من هذا التكوين اللانهائي من التفاصيل التي تغلّف المدينة، وتأتي هنا الموسيقى درامية وهادئة بما يتناسب مع مشهد الإنفجار العظيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق